أسامة داود يكتب: وزير البترول وعصر المنافلة!!
علامة تعجب فتحت أفواه قيادات وخبراء البترول على مصراعيها وعلى شكل دائرة قطرها 360 درجة فور صدور القرار رقم 2111 لسنة 2019 والذى يتضمن مادتين الاولى:
يتواجد رؤساء مجالس إدارات شركات إنتاج البترول والغاز المشتركة والعامة بموقع انتاج حقول الشركة والعمل على زيادة الانتاج لتحقيق الخطط الموضوعة وتوفير كافه التسهيلات اللازمة لذلك وتذليل كافة العقبات ، لحين صدور تعليمات أخرى. والمادة الثانية: على الجهات المختصة تنفيذ هذا القرار .
بينما تلاشت التجاعيد التى رسمها الزمن على وجوه الخبراء الذين أفنوا عمرهم فى قطاع البترول نتيجة الدهشة التى عقدت ألسنتهم وظلوا لها مشدوهين وكأن على رؤوسهم الطير.
تفريغ غُرف العمليات
القرار يشبه تحويل رؤساء الشركات إلى مجرد "عواطلية" يقبعون فى الحقول وبما يشبه تفريغ غرفة العمليات من القادة الذين يديرون معارك. وحتى نعلم صواب القرار من خطئه علينا أن نوضح أمرين غاية فى الأهمية، الأول أن يتم تحديد طريقة العمل فى قطاع الإنتاج وتخص الحقول والتى يقع معظمها فى المياه وعلى أبعاد تصل إلى 200 كيلومتر من الشاطئ بينما كل علاقتها بالبر هى تسهيلات، أى خطوط لنقل الخام من غاز أو بترول إلى البر حيث يتم الضخ فى محطة فصل المنتجات والتنقية وبجانبها يكون مركز للإعاشة. والتعامل مع الحقل سواء فى البحر أو بالصحراء يتم عبر عمليات إلكترونية تتم بالكمبيوتر وتتصل بالمركز الرئيسى للشركة ومن خلال جهاز الكمبيوتر بمكتب رئيس الشركة وكذلك مدير العمليات، ليتم الاطلاع على كل التفاصيل أولا بأول: تصاعد الخام وكمياته ومتابعة أى أعطال أو مشاكل على مدار الساعة والدقيقة. لكن التواجد فى الحقول يكون عبر مهندسين يتناوبون فى ورديات لمتابعة الأمر عن قرب، ويتولى إدارة العمل فى الحقول المنتجة مدير الإنتاج وعن طريق هؤلاء المهندسين.
الهيكل التنظيمي
ثانيا الهيكل التنظيمى للشركة حتى نعلم فى أى الأماكن يجب أن يتواجد رؤساء الشركات. يتضمن الهيكل التنظيمى وجود قيادتين رئيس مجلس الإدارة ويفترض أن يتم تعيينه من هيئة البترول فى شركات إنتاج الزيت والشركة القابضة لجنوب الوادى والشركة القابضة للغازات الطبيعية.لكن فى الواقع يتم تعينه بمعرفة الوزير فقط!. بينما القيادة الثانية هو المدير الأجنبى ويمثل الشركة صاحبة الكشف البترولى أو الغاز والذى يتولى الانفاق على علميات الحفر والتنمية والصيانة والانتاج. ويشمل الهيكل التنظيمى التابع لرؤساء الشركات مساعدى رئيس الشركة فى الانتاج والمشروعات والاستكشاف والعمليات والمالية والعقود والمهمات والإدارية والأمن والدعم الفنى وتكنولوجيا المعلومات والاتصال والقانونية والشئون والفنية وغيرها. وجميع هؤلاء المساعدين يخضعون لتعليمات وقرارات يصدرها رئيس الشركة ولكن بناء على ما يتم مناقشته من معلومات تصل إليه عبر كل تلك القيادات المحيطة به. ولكل منهم دور مهم فى إدارة المنظومة ويتطلب دور رئيس مجلس إدارة الشركة الاجتماع ربما يوميا أو أسبوعيا أو اجتماعًا دوريًا مع كل هؤلاء مجتمعين أو منفردين للوقوف على كل آليات العمل والتى جميعها متصلة ببعضها البعض. ويأتى دور رئيس العمليات وهو يعادل فى التصنيف العسكرى رئيس الأركان ويتبعه الإنتاج والإدارة العامة لهندسة الحقول وتتولى التحكم فى الإنتاج برفع معدلاته وخفضها حسب الدراسات التى تصل إليه من مسئولى الخزانات حتى يكون الإنتاج متلائمًا مع الاحتياجات له.. لعدة أسباب أولا حتى لا يتم استنزاف الآبار بعمليات سحب جائر للاحتياطيات هذا من جانب، ومن جانب آخر أن يتم تقليص الإنتاج أو زيادته حسب حاجة الاستهلاك المحلى والتصدير وقد يتم خفض إنتاج الحقول وغالبا ما يحدث فى الغاز الطبيعى باعتبار أن كل ما ينتج من الغاز يتم استهلاكه أو تصديره وباعتباره وقودًا غير قابل للتخزين.
أما القرار الجديد والذى صدر فتحول إلى ما يشبه العودة إلى إدارة القطاع فى ظل تكنولوجيا العصر.. إلى عصور استخدام المنافلة! أو ربما تملكت الوزير الرغبة فى التنكيل برؤساء الشركات بنفيهم.. وللأسف يوجد من يطبل ويهلل لهذا القرار الذى أقل ما يوصف به أنه قرار خارج اطار الزمن! وسوف يدفع القطاع ثمنه بمضاعفة معدلات تراجع الحقول وليس بزيادة الانتاج. وبالتالى أوجه سؤالى لكل خبراء قطاع البترول الذين يملكون خبرات تتجاوز عمر بعض رؤساء الشركات حاليًا. ما هو تعليقكم على القرار؟ وماذا ترون فيه؟ هل له من الأهمية ما يحقق قفزة فى عمليات إنتاج البترول؟ أم أنه ناتج عن عدم خبرة وبالتالى هو بمثابة شو إعلامى وضجيج للتستر على أمور أخرى بهدف إخفائها؟